مقال بشير زندال
- سميرة احمد
- Sep 22, 2019
- 3 min read


كتب بشير زندال مقالا يعيد شريط ذكريات الكثير منا الى حقبة زمنية جميلة فمن هو بشير زندال ؟؟ بشير زندال هو أستاذ الترجمة والأدب الفرنسي المساعد في جامعة ذمار. مترجم وقاص وصدر له العديد من الإصدارات في مجال الترجمة والأدب.
تقترب الثقافة الشعبية من هموم الناس وأفراحهم؛ من الأحداث اليومية لهم. ولذلك فتأثيرها في بعض المجتمعات قد يفوق الثقافة النخبوية. وقد اهتمت الدراسات الانثروبولجية والسوسيولوجية بالتراث الإنساني سواء كان التراث المادي أو الشفهي. وكان في الشعر الشعبي مجال خصب في دراسة المجتمعات سواء البدائية أو الحديثة. فمن خلال الشعر الشعبي يتمكن الباحثون من الكشف عن استجابة الناس لمشاكل الحياة وكيفية التعامل معها. للشعر الشعبي مكانة كبيرة لدى كل الشعوب. وكلما اقتربت الشعوب من البداوة ازداد تمسكها بالشعر الشعبي. وله مكانة كبيرة لدى اليمني في كل مدنه وقراه. فقد عاش الشعر الشعبي مع الإنسان اليمني في أفراحه وأحزانه، فالأنواع الشعرية الشعبية (القصيدة[1]، والزامل[2]، والحال[3]والبالة[4]والرزفة[5]) وغيرها من أصناف الشعر الشعبي كانت رفيقة الإنسان في كل تفاصيله اليومية. ارتبط الشعر الشعبي بالموسيقى منذ القدم فكان يؤدى على هيئة ألحان ولو بدون آلات موسيقية كالزامل والبالة والحال. عادة ما يكون الشعر الشعبي شفاهياً، لذلك نادراً ما يُدون ويحفظ. فنجد صعوبة في تحديد أقدم القصائد الشعبية بعكس القصائد الفصيحة، رغم أن القصائد الشعبية ضاربة في القدم. فمثلاً اشتهرت غزالة المقدشية (تـ: ق19) في القرن التاسع عشر في منطقة ذمار وعلى الرغم من أن هناك مئات الشعراء من معاصريها، لكن لم يصل من القرن التاسع عشر في ذمار غيرها. والغالب في الشعر الشعبي يذهب طي النسيان؛ لأن التدوين لا يهتم به. وفي دول كثيرة بدأ الاهتمام بالشعر الشعبي وبتدوين بعضه سواء كان مكتوباً أو صوتياً منذ النصف الثاني من القرن العشرين ولكن بشكل ضئيل. ومن حسن حظنا في اليمن أن كياناً ثقافياً صغيراً كان له دور عظيم في الحفاظ على التراث الشعري الشعبي. فقد حفظت تسجيلات الكوماني على مدى أكثر من 40 سنة عشرات آلاف القصائد الشعبية من الضياع. فقامت بدور لم تقم به وزارة الثقافة في اليمن، بل ولا حتى أي جهة في الجزيرة العربية. بدأت الفكرة لدى أحمد صلاح الكوماني (تـ 1991) ومعه أخوه عبد الله في منتصف السبعينيات بتسجيل القصائد الشعبية على هيئة أغان وتسويقها لدى المغتربين اليمنيين في المملكة العربية السعودية. أسس الأخوان استريو تسجيل بسيط في السعودية يؤدي هذه المهمة. لكن أحمد الكوماني عاد بعد سنتين إلى اليمن وتحديداً إلى ذمار وأسس استريو صغيرا بدأ فيه بتسجيل عشرات القصائد لشعراء شعبيين وأطلق على الاستيريو اسم “مجلس الفن والشعراء” مع استمرار توزيع إنتاجهم من الشعر الشعبي اليمني في المملكة حتى الآن. وكانت افتتاحية كل شرائط الكاسيت تبدأ بـ “مرحباً بكم في مجلس الفن والشعراء”. لاقت شرائط الكاسيت استحساناً كبيراً لدى عامة الناس وبدأت طلبات القصائد تتكاثر عليهم وبدأ الشعراء أنفسهم يأتون إليهم لإعطائهم القصائد لتلحينها وغنائها. ووصل ضغط العمل لدرجة عدم مقدرتهم على تلحين وتسجيل كل القصائد فبدأ الشعراء أنفسهم بتسليم مقابل مادي لهم لتسجيل أغانيهم. في البداية لم يكن الموضوع ربحياً بقدر ما كان حباً في الشعر. لكن نظراً للإقبال الشديد من الشعراء بدأ الكوماني العمل بمقابل مع استمرار العمل بدون مقابل للشعراء الكبار مثل محمد ناصر صبر (تـ 1992) وعبد العزيز القعشمي،وأحمد سعد قمهد، ومحمد ناصر المنتصر ومحمد احمد المقدشي (تـ 2014) ومحمد حسين الهروجي (تـ 2007) والشاعر حسين العبال. وكانت قصائد الشاعر محمد ناصر صبر هي الأكثر رواجاً من بداية التأسيس إلى بداية الألفية. كما لم ينس الكوماني الاشتغال على قصائد شعراء حملوا قضايا الوطن مثل علي ناصر القردعي (تـ 1948) وصالح سحلول (تـ 2014) وأحمد عبد ربه العواضي (تـ 1973). كان دور أحمد صلاح الكوماني هو التلحين والعزف على العود وكان أخوه عبد الله يصاحبه بالإيقاع. أحدث أحمد صلاح وأخوه ثورة ثقافية شعبية بتحويل القصائد والزوامل إلى أغانٍ بالعود والطبلة فقط. وحافظ الاثنان على هذا النهج ولم يدخلا آلات موسيقية حديثة في أغانيهما. وانتقل هذا الأسلوب من الشعراء والمغنيين الأوائل في تسجيلات الكوماني إلى الجيل الجديد من المغنيين. وحالياً يقود الدفة في تسجيلات الكوماني أبناء احمد صلاح الكوماني بقيادة محمد أحمد صلاح “أبو هشام” الذي يقوم بالعزف على العود، برفقه إخوانه الذين يتولى كل واحد منهم مهمة يقوم بها. حافظ الكوماني على التراث الشعري على هيئة أغان ذات ألحان خاصة وبصمة خاصة به ولكن لم يقتصر حفاظه على القصيدة الشعبية بالغناء فقط؛ فهناك قصائد عدة لشعراء شعبيين كانت بأصواتهم قام استيريو الكوماني بتوثيقها وتوزيعها محلياً. فقد كان لدى الكوماني ثلاثة طرق لحفظ وتسويق القصيدة: إما تلحينها بمصاحبة العود والطار[6]، أو بالطار فقط، أو تكون “لِسْنِيّة” أي باللسان فقط دون مصاحبة أي أدوات موسيقية. وكان الشعراء في البداية يسجلون قصائدهم بأصواتهم غنائيا ولكن حالياً هناك عدة ملحنين ولو كان الشاعر يريد التسجيل بصوته إلى الآن
Comments